عندما أرى الكلمات تسقطُ من زهاءِ أوراقي ، في خريفٍ مُعتمٍ ، وهذا القلبُ
يبكي شوقاً ، أنظرُ الى عيناك ؛ ولكن ماذا أقول .. !؟
قبـلَ بضعـةِ سنين كُـنَّـا نجلـسُ على مقـاعـدِ الدراسةِ فـي الصَّفِ الابتدائي
والثـانوي ، كُنا نـُـعِـدُّ الغـدَ كومـةً من الأحـلامْ ، أنـتَ تريدُ أن تصبحَ ثائراً ، وأنا
أبحثُ عن المعنى ، أنتَ تريدُ النهاية ، وأنا كنتُ جاهلاً ، لم أدرِ بأنها قريبة ..
ألهذهِ الدرجة كنتَ وفياً للرحيل !!؟
كنتَ أنـتَ الأجملُ دومـاً ، رغـمَ تبادلنا الابتزازت العفويـة ، والهفواتِ الفاتنة ،
كنـتَ أنـتَ الــراقـي ، تـُزعجنـي كثيــراً فـي الصَّــف ، لأنــك مـُزعـجٌ جــداً ..
ولكن أراكَ بعدَ ذلـك شخصاً آخراً ، أرى الوقـارَ والحـبَ والجمـالْ ، أرى امتيـازَ
الروحِ الصاعـدة بعد وقتٍ سريع الى بارئها .
أكذبُ عليكَ وعلى نفسي إن صدقتُ أنك قد رحلت ...
أذكرُ لقائي بـكَ في شهـرِ رمضان الماضي بعدَ صلاة المغـرب ، ونحنُ عائدون
من المسجد ، وأنـت تمسكُ يدي طوالَ الطريق ، كنتُ أشعرُ بالخوفِ والعزلةِ
كنتُ أشعرُ بالغيابْ ، ولكنني لم أشعرْ بالموتِ أبداً ..
رحيلكَ موجعٌ جداً يا صديقي ....
عندمـا كنـتُ جالسـاً أنا وأيـمـن أمامَ البُـرج ، كانَ قدومكَ إلينا مُبهمٌ كنسيمِ
الـوداعْ ، احتضنتنـا بشِدة ، وضغـطـتَ على يـدي بقســوةِ الحنين ، وكــأنــكَ
تقول لنا : سنلتقي قريباً ، ولكن هناك ،،
فاجَـأتـنـا روئيتـك ، كــان هنالـكَ شيئـاً غامضـاً ، ولكننا لم ننتبه إلى عيناك ،
لأننا لا نُجيدُ الوداعْ .
نبـأُ فراقكَ كـانَ قاسيـاً ، ابتسمـتُ حينهـا لأنني لم أصـدقْ ، ولكنني متيقنٌ
أنكَ الآن في مكـانٍ أجمل ، صـافي الذهن ، تُطـلُ علينا من شُـرفة الصـداقة
وتبتسـمْ كعــادتكْ ، تمنيـتَ الشهادة ؛ فنلتها ان شاء الله ، أنت تستحقهـا .
لنْ أبكي ؛ ولكن سأبتسم ، فأنت من علمتنا كيف تدوم الابتسامة ....
* الى صديقي الراحل الباقي " ممتاز الوحيدي "
محبك : وليد الصيفي