إلـى / زيـاد أبو عين .
ليسَ هُنالكَ أسـوأُ من أن نموتَ على أرصفةِ الحياة ، مُبعثرينَ حولَ اللاشيءِ
والمعنى ، تحمِلنا الذكرى الى أعلى ؛ وأعلى ضيقٌ جداً علينا ..
نبحثُ عن هويتنا وعودتنا الى المجهول، ضائعونَ نحنُ ؛ حتى وان كانَ الوجودُ
منصفٌ الى منفاً قريبْ ...
زيـآاد :
كـرِّر وصيتكَ الأخيـرة ، رتـِل أغاني المـوتِ والماء ، ارقُص على نعش الغُـزاة ،
احمِلْ رصَـاصتُـك الـوفيـة ولا تسقـط من الأعلـى ، قـاومْ مقـامـات الجُـنـون ،
ايـَّـاكَ أن تُهزَمْ ..
ارحَلْ، فهذا الكونُ لا يهوى البقاء ، ارحَلْ كما رحلَ البقيةُ من صناديقِ الظلامْ،
شهيقُ العُمر لا يكفي لكي نرثي كُل من يرحلْ ، وربما زفيرُ هذا الوطن بـاتَ
خـرافـيٌ ومنسِيٌ كمـا المـاضي ،، لا تحـزن علـى خِـذلان أقـنعـةِ الحـنين ..
واسقـُط كما سقطَ الأنينُ من الأنينْ ...
لا تُحدِّث جيرانَ حَتفِكَ عن مُصيبتنا ، ايـاكَ أن تفعلْ .. فجُرمنا هـذا لا يحتملهُ
صُـراخُ الموتِ والموتى .. الجُـرم أكبرُ من أرضٍ ليستْ لنا ، ولنا .. الجُـرمُ أكبرُ
من قـدسٍ كـانت لنا .. وأكبر من خياناتِ القدر ، وأتفهُ من انقسامٍ ظلَّ صامتاً
ساكناً فينا الى هُناك ... حيثُ الهناكَ فكرةٌ من عدمْ ..
عُذراً ؛ يا من رحلتَ أو وفيتَ ، فالجُرم هذا هو الوطن .
أعلمُ أن المـوتَ لا يوجعُ المـوتى ، وانمـا يوجعُ الأحيـاء ، وأَعِـيْ حقـاً قسـوةَ
هذا الألمْ الذي يُوجعكُم ، فأنتم الأحياء ، وجميعنا موتى على قيد المَمات .
ـــ
( رسالة من أحد الصناديق المعتمة )
" ولـيـد الصيفـي " ، 11 / 12 / 2014